الأربعاء، 10 فبراير 2010

رحلة مع الصبابة والوجد




يكتب الغيطانى رسالته فى الصبابة والوجد ليخبرك بفحوى رسالته من عنوانها الذى يبعث فى النفس حيرة فمن اى زمن جاء بها وفى اى مكان استلهم مشاعره , ولن تطول دهتشك وحيرتك عندما تشرع فى مطالعة ما كتب .
مصنفة على انها رواية فى اول صفحة بها وفى عديد من منتديات الادب , لكنى وجدتها غير رواية بالمعنى المتعارف عليه فى دروب الادب والفنون , واستطيع ان اوصفها وانا حر كل الحرية فى ان اصف وارى , انها لوحة وجدانية شاعرية اختلط فيها المكان والوجدان , فأصاب الغيطانى بهما ما أصابه فأنتج لنا عمل أدبي كل ما أستطيع ان أقول عنه انه غير عادى .
تجاوز الغطيانى فى رسالته المكان وعاش فى تواريخ البنيان المذكور فى روايته , فلم يسافر بنا فى رحلة من قاهرة المعز الى اقصى الشرق حيث بخارى وسمرقند فقط , انما مال بنا وغاص فى ذاكرة وتاريخ شعوب قصية عنا ,
وكانت وسيلة سفرنا فى الازمنة والامكنة هى كما وصف فى عنوان رسالته هما الصبابة والوجد , مزيج غريب من المشاعر الانسانية أفاض بها الغيطانى علينا ليعلمنا انه ليس روائى يقص الحدث ويرويه ثم يسكت انما ارانا لون فريد من الوان الادب , لا استطيع ان اصف ما ذقته واستصغته فى روايته ربما هو لحن أندلسي عذب عتيق حملت الريح اطيافه من جداول قرطبة , ربما كان مزيج من شعرا صوفى يفتح للعين مجالات للرؤي كانت معدومة من ذى قبل , ربما اختلط هذا كله مع حداثة الكاتب وموروثه الثقافى والحياتى الثري بالحس والمعرفة .
لم أجد الحس منقول الينا عبر روايته من حوارات بين ابطالها , وربما ان مجموع ما قام من حوارات فى الرواية ككل لن يتجاوز بضعة وريقات فيما كتب , انما كان المضمون رسالة كما آثر ان يسميها , فهى رسالة يكتبها الغيطانى إلى أعز الاصحاب واقرب الخلان إليه وهو قارئه كما وصف .
وكان لهذا أثرا ايضا فيما كتب على احساس من يشرع فى القرأة , ليشعر ان الغيطانى استأثره وباح اليه بسره ووجده , لا لكى يبحث عن حل او ينتظر منك مشورة او رأى , انما افاض لك بما اخفاه لأن حمل مشاعره كان ثقيل على عاتقيه فاراد ان يزيح من همه قليلا .
اعطى الغيطانى بما كتبه لنا فى رسالته مثل جديد فى العشق والهيام بالمحبوب لكى يناطح شعر قيس ويستأذنه بلطف مرة وفى ثورة مرة , ان يستأثر هو بكل ما ملك من ادوات ولغة وحس فنى ان يصف مشاعر الجوى والسهد ولوعة المشتاق وفرحة العاشق بالدنو والااقتراب من معشوقه .
هذا العاشق الذى الجمته موانع شتى من البوح طوال صفحات وسطور , لم يتخلل الكثير منها حوار ولكن جلها كان وصف يغور بك فى الوان لم تراها عينك قبلا ورائح لم تشمها يوما , وتأتى المفجأة عندما تشعر وهو مجرد شعور صاحبنى , انه ربما رأيت تلك الالون وتمرغت مقلتيك فى اغوارها و ربما صاحبة تلك الروائح نفسك ذات مرة ,
لكنك لم تفطن إلى ما فطن اليه المبدع , ولم ترى ما رأه , فالعوارض قد تتشابه لكن الانتباه اليها يختلف .
وهذا ما برع فيه الكتاب ليؤكد لنا ان ليس للغة حدود , وانها لم تتواجد للتواصل بين البشر بالحس المادى فقط ,
انما أثبت لنا انها حس وجدانى عميق المعانى لا تفتح ابوابها إلا لمن عشقها وابتغاها .
** لم يكن كلامى هذا نقد للرواية او تلخيص انما هو ما جال بخاطرى عند الإطلاع وجزء مما ملك عليّ مشاعرى عند اقتفاء ما كتب . فأن اردت ان تعرف عنها فلا تبحث عن نقد او تلخيص انما كل ما عليك فعله هو القرأة , فكيف تتلخص المشاعر او ننقد الحس الوجدانى .


كريـم الـراوى
10فبراير2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق